تحكي لينا كساح، (٤٦ عامًا)، مؤسِسة مشروع المطبخ السوري “زيت زيتون”: “الطريقة التي يعاملنا بها الناس تجعل معاناتنا أقل وطأة. فعندما تكون البيئة ودودة ومُرحِبة تختفي مخاوفنا وتزول آلامنا على الفور”.
أدت الحرب الأهلية السورية، التي تعود إلى ما يقرب من العشر سنوات، إلى نزوح حوالي خمسة ملايين مواطن سوري إلى مناطق مختلفة حول العالم. و وفقًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر، تشير التقارير إلى وجود حوالي مائة ألف سوري يعيشون في مصر. بالنسبة لكثيرٍ منا، قد تكون الحرب ذكرى قديمة ولكن بالنسبة للسوريين، لا تزال ذكرى صدمة الحرب راسخة في قلوبهم، حتى وإن استقروا في بلدان أخرى.
مطابخ مجتمعات اللاجئين هي مشاريع طبخ مجتمعية تجمع سويًا مجموعة من اللاجئين الذين يتشاركون في الموارد ويعملون معًا لإنتاج كميات كبيرة من الطعام تذهب لخدمات تقديم وبيع الطعام. وتهدف هذه المشروعات إلى دعم الفئات الأكثر احتياجًا ماليًا وإلى تعزيز الاندماج المجتمعي.
وفي الاشهر الاخيرة عانت مشاريع مطابخ اللاجئين التي توفر دعمًا أساسيًا لكثير من عائلات اللاجئين و ذلك بسبب تداعيات فيروس كورونا والإجراءات الاحترازية التي من ضمنها حظر التجمعات الكبيرة . ولكن الآن، وبحلول شهر رمضان المبارك، بدأ الوضع يتغير ببطء وفي ضوء ذلك شرحت كساح: “أوقف الوباء أعمالنا كلها تقريبًا، لم نتلق أي طلبات حيث إننا نعتمد بشكل كبير على حفلات الزفاف والتجمعات العائلية خلال شهر رمضان، الدعم غير متوفر للمؤسسات الصغيرة ولذلك اضطررت لتقليل عدد النساء التي تعملن في المطبخ للحد من النفقات”.
جاءت كساح إلى مصر عام ٢٠١٣ مع زوجها وأطفالهما الثلاثة بعد فترة قصيرة من بدء الحرب الأهلية السورية ويعيشون الآن في مدينة العبور في ضواحي القاهرة. حينما جاءوا إلى مصر، لم يكن لديهم المال الكافي لتوفير الدعم لعائلتهم، و بقوا لمدة شهر مع عائلة مصرية من أصدقائهم قبل أن يندمجوا بشكل كامل مع المجتمع المصري. وقالت كساح : “لم نكن نملك اي شيء عندما جئنا إلى مصر. و ظل أثر الصدمة النفسية التي تسببت بها الحرب باقيًا.. جميعنا كنا متعبين نفسيًا و عاطفيًا من كل ما عُرِضنا له”.
لمدة عام كامل، لم تر كساح أحدًا سوى أفراد أسرتها، مما أثر نفسيًا عليها وأدى إلى اكتئابها وشعورها بالكسل القسري. ومن هُنا بدأت كساح في التواصل مع منظمات غير حكومية وجمعيات من أجل الوصول إلى اي سوريين مقيمين في مصر خاصة السيدات العاطلات عن العمل، العازبات، المطلقات أو الأرامل و ذلك من أجل مساعدتهن لبعضهن البعض على التعايش.
إن أحد المشاريع التي توفر الدعم للسوريات كان مطابخ اللاجئين الذي قدمته تمارا الرفاعي، الناشطة في مجال العمل الانساني، التي أنشأت هي وكساح مطبخ زيت زيتون والذي تتم إدارته من قِبَل نساء يكافحن من أجل إعالة أنفسهن ماليًا.
داخل مطبخها لا تشارك كساح فقط ذوقها الاصلي لتراثها السوري، بل إنها أيضا تدعم و تساند النساء السوريات المحرومات لتعزيز إحساسهن بالقيمة وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهن من أجل بدء حياة جديدة. بسبب الجائحة، اضطررت كساح إلى تقليل العمالة و تسريح عدد كبير من النساء العاملات في المطبخ مما تسبب في معاناة مالية لعائلات النساء اللاتي كن يعملن هناك وكانت الوظيفة بالنسبة لهن مصدر دخل أساسي، وعبرت كساح: “زيت زيتون” هو أكثر من مجرد مطبخ سوري، إنه مشروع اجتماعي يدعم النساء المناضلات اللاتي في أمس الحاجة إلى مصدر دخل لعائلاتهن”.
و يعد “زيت زيتون” من أحد مشاريع المطابخ والمطاعم التي افتتحها اللاجئون السورين في شتى أنحاء القاهرة، مثل “مطبخ الدوار” و مؤسسة “فرد” و مطبح “من بيتي لبيتك” الذي تديره سيدة تدعى ميرفت من خلال مجموعة على تطبيق الواتساب.
و تضيف كساح: “نحن محظوظين لأن العديد من المصريين يحبون طعامنا، وقد قمنا بإعداد العديد من الأطباق لدمج الطعام المصري مع الطعام السوري. وأؤمن أن أفضل ما في التجربة هي طريقة تعامل الناس في مصر معنا، فعندما نُعامَل بلطف وود، تقل معاناتنا”.
و لمواجهة التحديات التي تفرضها جائحة فيروس كورونا، يواصل مطبخ “زيت زيتون” العمل عن طريق التوصيل للمنازل والترويج والإعلان لذلك عبر الفيسبوك، و تطبخ السيدات و يخبزن المعجنات و يحضرن الطعام في منازلهم على الطريقة السورية مستخدمين الوصفات والمواد الخام والمعدات الخاصة بهن.
يعتبر الطعام محور العلاقات الإنسانية والمجتمعية و يوفر “زيت زيتون” مسار للمجتمعات المختلفة كي يتعاونون و يتكاتفون من أجل دعم النساء اللاتي يكافحن لدعم وإعالة عائلاتهم. و تضيف كساح “نأمل أن يدعمنا الناس في رمضان وأن يدركوا أنهم يدعمون نساء أخريات يواصلن العمل بجد لتوفير سبل عيش أفضل لأسرهن”.
لدعم مطبخ زيت زيتون، تابعوا صفحتهم الرسمية على الفيسبوك
وللتواصل مع مطبخ من بيتي لبيتك عبر الواتساب: 01119558299
ترجمة: إيمان خروشة
Comments (0)