منذ حوالي ثلاثة أشهر، طرحت مصر نوعين من لقاحات فيروس كورونا المستجد التي تم تطويرها. وتم حتى الآن تطعيم ١،٢ مليون شخص في جميع أنحاء مصر.
فُتِحَ باب التسجيل للقاح كورونا رسميًا في أواخر شهر فبراير من هذا العام، مع إعطاء الأولوية للعاملين في مجال الرعاية الصحية وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة. وبدأ المصريون في تلقي الجرعات في أوائل شهر مارس.
يأتي هذا في ظل ارتفاع حالات الإصابة بالعدوى. ففي أواخر شهر مايو، تم تسجيل ١١٤٨ حالة جديدة وفقًا إلى وزارة الصحة والإسكان بالإضافة إلى ٥٢ حالة وفاة، مع تسجيل حوالي ١١٠٠ إصابة كل يوم فى المتوسط على مدار الأسبوع السابق. ولكن الحكومة ترى أن الأرقام الفعلية للإصابات أعلى بكثير من الأرقام المسجلة.
كيفية تلقي لقاح كورونا
التطعيم في مصر مجاني لجميع المواطنين والمقيمين، فيمكن لأي شخص فوق ال ١٨عامًا ولديه رقم قومي أو جواز سفر أن يسجل لتلقي لقاح فيروس كورونا في المستشفيات والمراكز في جميع أنحاء مصر وذلك عبر موقع وزارة الصحة على الإنترنت أو من خلال الاتصال بالخط الساخن للوزارة (١٥٣٣٥).
ولكن بالنسبة للأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس من قبل، فينصح الأطباء بالانتظار لمدة ٩٠ يومًا بعد التشخيص الأولي قبل التطعيم، وذلك لمنع حدوث رد فعل مناعي غير مرغوب فيه.
عند التسجيل ولدى تلقي اللقاح، يجب الإفصاح مسبقًا عن أي حالات طبية بالإضافة إلى أي أدوية يتم تناولها في الوقت الحالي.
اللقاحات المتاحة
إلى الآن، تعتمد حملة التطعيم في مصر على شركة سينوفارم الصينية وعلى اللقاح البريطاني السويدي من جامعة أوكسفورد-أسترا زينيكا.
في الوقت الحالي، أصبح هناك نوعين اللقاح متوفرين بوفرة.
أسترازينيكا
بالنسبة للقاح أسترازينيكا، تتراوح نسبة فعاليته بين ٧٥٪ و ٨٠٪ وتشير العديد من الدراسات إلى أنه فعال بنسبة ١٠٠٪ ضد الحالات الصعبة. كما أنه لا يحتاج إلى التخزين في درجات حرارة شديدة البرودة، ويعتبر أقل تكلفة بشكل ملحوظ من لقاح فايزر-بايونتيك الألماني الأمريكي ولقاح شركة مودرنا الأمريكية. بالنسبة للجرعات، تؤخذ الجرعة الثانية بعد الأولى بثلاثة أشهر.
في أوائل الربيع، كان هناك بعض الجدل حول هذا اللقاح بسبب حظره لفترة وجيزة في معظم الدول الأوروبية عندما تم العثور على علاقة بينه وبين نوع نادر من الجلطات الدموية. ومع ذلك، وفي غضون فترة قصيرة، أعلنت وكالة الأدوية الأوروبية أن لقاح أسترازينيكا آمن وفعال نظرًا لأن فرص إصابة متلقيه بجلطات الدم كانت حوالي ٤ من بين كل مليون شخص.
و لكن مع ذلك، استبعدت معظم الدول الأوروبية الفئات الأصغر سنًا من تلقي اللقاح (بعضها أقل من ٣٠ عامًا، والبعض الآخر أقل من ٤٠ عامًا، والبعض الآخر أقل من ٥٠ عامًا) والسبب هو أن متلقي الفيروس من الشباب – وخاصةً النساء – هم الفئة الأكثر عرضة للإصابة بهذه الجلطات الدموية النادرة.
حتى في المملكة المتحدة، التي تعد مصدر تصنيع لقاح أسترازينيكا وتستخدمه مع العديد من المواطنين والمقيمين، يقتصر متلقيه على من تزيد أعمارهم عن الثلاثين عامًا. وبعد استخدام اللقاح على نطاق واسع في المملكة المتحدة، أشارت النتائج إلى انخفاض حالات الإصابة وأعداد الوفيات بشكل كبير، كما أعلنت بريطانيا مؤخرًا عن أول يوم لها منذ ١٤ شهرًا دون تسجيل وفيات جديدة .
قال العديد من متلقي اللقاح في مصر إنهم عانوا من الآثار الجانبية المتوقعة والتي تشمل حمى خفيفة وآلام في الرأس والجسم. ولم تفرض مصر أي قيود عمرية لتلقي اللقاح حتى الآن.
سينوفارم
تلقت مصر عددًا كبيرًا من جرعات اللقاح الصيني، سينوفارم، مجانًا في مرحلة مبكرة وكان هذا اللقاح حتى وقت قريب النوع الأكثر شيوعاً فى مصر. وتظهر الأبحاث أن لقاح سينوفارم فعال بنسبة ٧٠٪ تقريبًا، وتشير بعض المصادر إلى أنه وأسترازينيكا فعّالين ضد الحالات الصعبة. وبالنسبة للجرعات، فتؤخذ الجرعة الثانية بعد ثلاثة أسابيع من الأولى، ويصل اللقاح إلى كامل فعاليته بعد أسبوعين من الجرعة الثانية.
على عكس لقاح أسترازينيكا أو اللقاحات الأخرى مثل فايزر-بايونتيك أو مودرنا أو جونسون، تعتبر الأبحاث التي أجريت على لقاح سينوفارم أقل شفافية، لكنه حصل في النهاية على موافقة للاستخدام الطارئ من قِبَل منظمة الصحة العالمية في أوائل شهر مايو.
حكايات متلقي لقاح كورونا
في بداية الأمر، عندما تم إصدار لقاحات ضد فيروس كورونا، تم إنشاء عدد من مراكز التلقيح في مصر. وأدى ذلك إلى تسجيل عدد كبير من المواطنين لتلقي اللقاح فى تلك المراكز، مع بقاء الكثيرين بعد التسجيل فى انتظار رسالة من وزارة الصحة تدعوهم لتلقي اللقاح.
ولكن بمجرد افتتاح مراكز تلقيح جديدة، أتاح ذلك فرصة للرد على نسبة كبيرة من المسجلين مسبقًا في غضون فترات زمنية أقصر نسبيًا. وأدى هذا إلى التوسع فى تلقيح الفئات الأكثر ضعفًا من السكان.
لاحظ بعض المسجلين لتلقي اللقاح في القاهرة أن طول قوائم الانتظار يعتمد على موقع مراكز التلقيح. فاختار الكثيرون تغيير مواقعهم المسجلة مسبقًا إلى مراكز تطعيم جديدة في المناطق الأكثر فقرًا التي يسكنها سكان أقل وعيًا بأهمية تلقي اللقاح، فتلقوا الرد خلال يوم واحد فقط.
تحكي ليلى غنيم لنا عن تجربتها في تلقي جرعتين لقاح سينوفارم في أواخر شهر مارس ومنتصف شهر أبريل، حيث تلقت هي وعائلتها اللقاح فورًا بعد التسجيل على الرغم من أنهم لا يعملون في مجال الطب والرعاية الصحية، وسنهم لا يتعدى الخمسين عامًا، كما أنهم لا يعانون من أمراض مزمنة، معبرة عن أن تجربتها كانت إيجابية.
قالت ليلى: “حينما تلقيت الجرعة الأولى، أنا وعائلتي، كنا الوحيدين في العيادة. كان الطاقم الطبي في غاية اللطف معنا. وقعنا على نماذج طلب تلقي اللقاح وتلقيناه بعد ذلك بسرعة لدرجة أني تصورت أني لم أخذه. أعتقد أنها (الدكتورة أو الممرضة) كانت خبيرة في عملها”.
ولكن نظرًا لأن جرعة ليلى الأولى كانت في بداية فترة التطعيم، لم يكن قد سجل الكثير من الناس بعد. وبحلول الوقت الذي ذهبت فيه لتلقي جرعتها الثانية، كان الوعي قد زاد حول أهمية تلقي اللقاح حيث تواجد في العيادة عدد أكبر من أول مرة ذهبت بها.
أضافت ليلى: “في مرحلة الجرعات الأولى كان اللقاح الوحيد الموجود هو أسترازينيكا. حاولت إحدى السيدات هناك إقناع طبيبها بإعطائها سينوفارم، لكنه أخبرها أنه غير متاح للجرعات الأولى.
حكى لنا حسن رسمي، رائد أعمال و “يوتيوبر” عن تجربته في تلقي اللقاح بعد التسجيل بـ١٢ ساعة فقط، ولكن تم تأجيل موعده مرتين قبل تمكنه من الذهاب للمركز.
وقال: “لم يضايقني التأجيل، سعدت فقط لتلقي الرد بهذه السرعة”.
View this post on Instagram
حينما كان حسن يسجل لتلقي اللقاح، كانت جرعات سينوفارم قد بدأت في النفاد من مراكز التطعيم، لكنه كان يخشى تلقي لقاح أسترازينيكا بسبب الخطورة التي قد تقع عليه لمعاناته من مرض مزمن سابقًا. استغرقت الموافقة على طلبه بعض ساعات لإيجاد جرعات مناسبة. وفي النهاية تلقى الجرعة الأولى لسينوفارم ومن ثم الجرعة الثانية بعد ثلاثة أسابيع.
أما عن أحمد مؤنس، فقد سجل لنفسه ولوالده وأخوه أول ما تم فتح التسجيل، وبعد ثلاثة أسابيع ذهب لتلقي جرعته الأولى في مركز تطعيم في القاهرة الجديدة. نظرًا لعمل عائلته في القطاع الطبي، خُيروا في تلقي إما سينوفارم أو استرازينيكا ولكنهم اختاروا أسترازينيكا على الرغم من المخاطر مع ندرة حدوثها.
بالطبع عانوا من بعض الآثار الجانبية المتوقعة، ولكنهم تعافوا جميعًا بسرعة وحاليًا هم في انتظار الجرعة الثانية في الشهر المقبل.
View this post on Instagram
أضاف مؤنس أن تجربته في الاتصال بالخط الساخن لوزارة الصحة كانت تجربة إيجابية وأظهرت احترافهم. وقال: “كان شعور مذهل أن أرى هذا المستوى من الرعاية والتنظيم”.
أما بالنسة إلى كيم فوكس، أستاذة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة ومقيمة في مصر، حكت لنا عن تجربتها في تلقي لقاح أسترازينيكا قائلة أنها كانت عملية سهلة وسريعة.
قالت فوكس: “استغرق الرجل وقتًا طويلاً في ملء تلك الاستمارة (باللغة العربية) وبعد ذلك وبخته المسؤولة في المكان لعدم إعطائي الاستمارة باللغة الإنجليزية من الأساس على الرغم من توفرها لديهم”.
View this post on Instagram
وفقًا إلى رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، سوف تنتج مصر نوعان من اللقاح، أحدهما هو سينوفاك الصيني حيث سيتم إنتاج ٤٠ مليون جرعة. كما تعاقدت مصر على استيراد ٢٠ مليون جرعة من سينوفارم، بالإضافة إلى ٤٠ مليون جرعة من مبادرة كوفاكس الدولية الرامية إلى تسريع وصول إلى لقاحات فيروس كورونا إلى الدول النامية، شمل ذلك أيضًا ٢.٥ مليون جرعة من لقاح أسترازينيكا (قد يكون معظمها قد وصل في الوقت الحالي).
على الرغم من أن معدل التطعيم الحالي ضد فيروس كورونا بطيء نسبيًا، قال مدبولي إن الجهود نحو التطعيم سوف تزداد قريبًا. على كل، فإن التطعيم يؤدي إلى نتائج مجدية حتى لو لم يكن بأعداد كبيرة، كما أنه من المرجح لانخفاض هذا الانتشار أن يقلل من احتمالية ظهور أنواع جديدة أكثر خطورة للعدوى.
ومع جهود الحكومة المركزة لتشجيع المواطنين على التطعيم ونشر الوعي، بالإضافة إلى وصول جرعات إضافية إلى مصر، فإن الآمال تزداد نحو المرونة في مواجهة أي موجات جديدة من العدوى.
ترجمة: إيمان خروشة
Comment (1)
[…] Source link […]