عندما يفكر أي منّا في مصر، تأتي على الفور في الأذهان صورة لأهرامات الجيزة، على الرغم من أنها مذهلة بشكل كبير وزيارتها شيء أساسي ولكن يوجد في مصر أكثر من الأهرامات بكثير.
يرجع في ذلك الفضل إلى التاريخ الثري الذي تركه المصريون القدماء وراءهم، مما يُشعر الناس في جميع أنحاء العالم بالرهبة من هذه الحضارة القديمة ويجعلهم يفعلون أي شيء للوقوف أمام سفح الأهرامات أو حتى المشي عبر المعابد التي صمدت عبر الزمان.
ومع ذلك، فإن ما لا يدركه العديد من السائحين الذين ينوون زيارة مصر هو حقيقة أن حقبة المصريين القدماء ليست فقط الحقبة الوحيدة المميزة و المدهشة في مصر. ففي الواقع، انتقلت مصر من حكمها الخاص إلى الحكم اليوناني ومن ثم إلى الحكم الروماني و إلى الحكم العثماني، حتى أصبحت في نهاية المطاف تحت الاحتلال البريطاني في القرن التاسع عشر ثم تحولت من ملكية إلى جمهورية بعد ثورة ١٩٥٢.
ساهمت جميع هذه الفترات الزمنية المختلفة في تكوين تاريخ غني ثقافيًا ومتنوعًا إلى حد كبير، وإلى الآن لا يزال الجميع يرى بقاياها ويشعر بها، ذلك بخلاف بقايا آثار التاريخ المجيدة المنتشرة في جميع أنحاء البلاد. كذلك فإن العديد من التقاليد الثقافية في مصر التي لا يزال يمارسها السكان في جميع أنحاء البلاد اليوم تستحق التجربة؛ من عرض رقص التنورة الشعبي إلى جلسة الدراويش الصوفية، وهي طقس ديني مصحوب بالرقص والموسيقى.
وفوق كل ذلك، لدى مصر مجموعة متنوعة من أفضل الشواطئ في العالم سواء على ضفاف البحر الأبيض المتوسط أو البحر الأحمر، بالإضافة إلى العديد من المناظر الطبيعية الصحراوية التي تستحق الاستكشاف- من التزلج على الرمال إلى رؤية حافة بحيرة ماجيك في الفيوم للتخييم تحت النجوم بالصحراء البيضاء.
و على الرغم من أن السياحة كانت دائمًا أحد العوامل المؤثرة في تعزيز اقتصاد البلد، إلا أن عدد السياح يتغير على مر السنوات وفقًا للمناخ الاجتماعي والسياسي. و قد كانت هناك العديد من الجهود لإحياء السياحة وإعادة تأسيسها منذ ثورة ٢٠١١ مثل إنشاء المتحف المصري الكبير الجديد وبناء مدن جديدة ولكن كان لوباء فيروس كورونا العالمي آثاره السلبية على كل من السياحة والخطط الجارية.
في ضوء ارتفاع عدد السياح بشكل ثابت قبل انتشار الوباء والجهود التي تبذلها وزارة السياحة في تنشيط السياحة من خلال تدشين حملات مختلفة، فيما يلي بعض الأمثلة لما يمكن أن تقدمه مصر لجذب السياح من جميع أنحاء العالم.
الآثار المصرية القديمة والمتاحف
من معابد أبو سمبل في أسوان إلى معبد حتشبسوت في الأقصر وتمثال أبو الهول بالجيزة في القاهرة، هناك العديد من المعالم الأثرية في جميع أنحاء مصر التي ستضع ببساطة أي شخص يزورها في حالة من الانبهار.
ويوجد الجزء الأكبر من الآثار والمعابد القديمة التي يجب زيارتها بشكل أساسي في محافظتي الأقصر وأسوان الجميلتين اللاتي يحيط كلاهما مياه نهر النيل الهادئة.
فبخلاف المعالم الأكثر شهرةً بين الجميع، هناك أيضًا بعض المعابد والآثار القديمة التي يمكن العثور عليها في المدن والمحافظات الأقل شهرة حول جميع أنحاء مصر.
على سبيل المثال، يوجد معبد خنوم الذي يقع في مدينة إسنا الصغيرة. يمكنك أيضًا العثور على الكنائس القديمة التي يعود تاريخها إلى القرن الرابع في القاهرة القبطية، مثل كنيسة القديسين سرجيوس وباخوس؛ ناهيك عن قلعة صلاح الدين الأيوبي في القاهرة، وهي حصن من العصور الإسلامية في العصور الوسطى تم بناؤه في القرن الثاني عشر.
ثم تأتي المتاحف حيث يوجد في مصر عدد كبير من جميع أنواع المتاحف التي تستحق الزيارة. فبالإضافة إلى المتاحف الأكثر شهرة التي تضم القطع الأثرية المصرية القديمة وما شابه (مثل المتحف المصري في ميدان التحرير)، يوجد أيضًا العديد من المتاحف التي تضم قطعًا فنية وغيرها من القطع المثيرة للاهتمام من تاريخ مصر. ومن الأمثلة على ذلك متحف الفن الإسلامي في القاهرة ومتحف أم كلثوم، حيث يمكنك أن ترى قطعًا متنوعة تخص الأسطورة الفنية الراحلة، أم كلثوم.
جواهر معمارية عبر المحافظات المختلفة
تتمتع مصر بتراث معماري رائع يمكن مشاهدته عبر جميع أنحاء البلد. وعندما نتحدث عن القاهرة، يمكننا تأمل العمارة الإسلامية في القرن الثامن عشر من خلال بيت السحيمي، أو قصر محمد علي في المنيل الذي يعود إلى القرن التاسع عشر، والصرح المعماري المستوحى من الهندوس لقصر البارون إمبان، أو يمكن اكتشاف ذلك حتى من خلال التنزه لرؤية مباني وسط البلد التي تنم عن عمارة أوائل القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر.
القاهرة مليئة بالجواهر المعمارية، بعضها معروف وبعضها يجب البحث عنه، من القصور والمباني القديمة على طراز عصر النهضة الجديد إلى “الفيلل” الفخمة القديمة التي تعد على وشك الانهيار، ومع ذلك لا تزال تحمل المدينة جو حنين إلى عصر مقدس في مصر.
يمكن العثور على هذه المباني في عدد من محافظات مصر وكذلك القاهرة. تمتلئ الإسكندرية على سبيل المثال بالعمارة القديمة الرائعة والقصور مثل قصر المنتزه، وكذلك مدينة الإسماعيلية ذات المناظر الخلابة المليئة بالمنازل الجميلة التي لا تزال على حالها منذ الاحتلال البريطاني مثل منزل ومكتب فرديناند دي ليسبس، ومدينة بورسعيد.
الشواطئ والصحاري
تفتخر مصر بشواطئها الرملية الناعمة التي تتحلى بالمياه الزرقاء النقية، فضلاً عن المناظر الطبيعية الصحراوية المهيبة – كل منها يقدم نوعًا مختلفًا من التجربة السحرية الفريدة التي لا تُنسى.
سواء اخترت زيارة البحر الأبيض المتوسط عبر الساحل الشمالي، أو رؤية المياه الهادئة والملونة في البحر الأحمر بزيارة جنوب سيناء أو الغردقة أو مرسى علم، تشتهر كل شواطئ مصر بطبيعتها الهادئة الجميلة. بالإضافة إلى ذلك، توجد بها أفضل وأشهر أماكن الغوص في العالم في مصر، في مناطق مثل الحفرة الزرقاء في دهب أو رأس محمد في شرم الشيخ.
بخلاف الشواطئ، يمكنك أيضًا رؤية الجمال الخلاب للصحراء، سواء عن طريق ليلة بدوية في جبال جنوب سيناء أو التخييم في مكانٍ ساحر مثل الفيوم. أما عن واحة سيوة الرائعة في الصحراء الغربية، فهي واحة حضرية صغيرة تتمتع بسحر فريد لا مثيل له في أي مكان آخر.
يمكنك أن تستمر في التعرف على الروائع الخلابة والتجارب السحرية الكثيرة التي تقدمها مصر؛ لا إنها أشياء لا يمكن للكلمات أو الصور فقط أن تنصفها، فالتجربة عامل أساسي للاستمتاع بها.
ترجمة: إيمان خروشة
Comments (0)